ستنكر خبراء التربية ما وصفوه قرارا فجائيا لوزيرة التربية نورية بن غبريط، حول تمديد عطلة الشتاء إلى 18 يوما، معتبرين في تصريحات لـ"الشروق" أن ما تصدره الوزيرة من قرارات، يطبعه الارتجالية والتسرع، "فتسقط قراراتها أرضا لأبسط هزة.. حتى لو كانت خروج بعض التلاميذ إلى الشارع".
عبد القادر فضيل: مديرون وأساتذة وتلاميذ لم يبلغوا بالقرار
أكد الإطار السابق بوزارة التربية، عبد القادر فضيل، بعد صدور تعليمة تمديد العطلة إلى ما يقارب 20 يوما بدل 10 أيام مثلما كان مبرمجا منذ أشهر، أن ذلك "سلوكا ينم عن عدم تفكير المسؤولين على قطاع التربية.. فتراهم ينامون ثم ينهضون بقرار جديد ". حسب تعبيره.
ووصف فضيل القرار بـ "الخطير" ليس بسبب تمديد العطلة وإنما في كيفية اتخاذ القرار، "فمديرو المؤسسات والأساتذة لم يُبلغوا بقرار العطلة ابتداء من يوم أمس، وكثير من التلاميذ غادروا مدارسهم الثلاثاء، على أساس استئناف الدراسة الأربعاء لتسلم كشوف نقاطهم، ويخرجون للعطلة الخميس"، مستغربا ظاهرة تعوّد بن غبريط على سلوك "التراجع" عن قراراتها كل مرة، لمجرد خروج بعض التلاميذ للشارع محتجين ومطالبين بتغيير الأوضاع".
طاهر حوسيني: نرحب بتمديد العطلة ونستنكر فجائية القرار
وصف المختص في التربية والإطار المكون السابق، طاهر حوسيني تعليمة وزيرة التربية "بالارتجالية وغير المدروسة، وبمحاولة تحقيق المستحيل..". مرحّبا بقرار تمديد العطلة إلى أكثر من 15 يوما، قائلا "في كل دول العالم يدرس التلميذ 45 يوما ويرتاح 15 يوما آخر إلا في الجزائر"، معتبرا أن العقل البشري يحتاج للراحة، لغرض تجديد المعلومات، خاصة أن التلميذ الجزائري يعاني من كثافة البرنامج الدراسي..لكن حوسيني، أعاب على وزارة التربية طريقة اتخاذ قرار التمديد، الذي جاء بطريقة فجائية، وهو ما جعله متخوفا من تغلغل الشك في النفوس، حول جميع قرارات بن غبريط السابقة.
سعيد فضيل: نتيجة تخبط القرارات وخيمة على المنظومة التربوية
اختصر الخبير التربوي، سعيد فضيل، تعليقه على التعليمة بالقول "قرار تمديد العطلة، دليل على عدم وضوح الرؤى، والارتجال في القرارات الوزارية، وهذه التصرفات نتائجها وخيمة على المنظومة التربوية".
فيما ساند مفتش التربية والعضو السابق للمجلس الأعلى للتربية، زروق لخضر، قرار الوزيرة نورية بن غبريط، فحسب تعبيره "بن غبريط إنسانة علمية، ودائما ما تستشير أصحاب الخبرة قبل اتخاذ أي إجراء". ومعتبرا أن معارضي قراراتها "هم أولئك الرافضون لكل جديد في قطاع التربية".
اعتبرت قرارات الوزارة غير واقعية.. النقابات ترد:
الأسنتيو: التعديل هدفه إسكات التلاميذ وعدم استغلال القضية سياسيا
الكناباست: القرارات الارتجالية دعوة للمجتمع إلى استرداد الحقوق "فوضويا"
لونباف: التراجع المتكرر للوزارة.. يفتح المجال لتمرد التلاميذ
انتقدت نقابات التربية المستقلة القرارات "الارتجالية" وغير المنطقية لوزارة التربية، التي ستؤثر سلبا على تمدرس التلاميذ وعلى المنظومة التربوية ككل، وذلك في ردها على قرار الوزارة القاضي بتمديد العطلة، مؤكدة أن تراجع الوصاية عن العطلة "المقلصة" هو قرار سياسي بحت لا علاقة له بالبيداغوجيا وإنما إسكات التلاميذ..
أكد الأمين الوطني المكلف بالتنظيم بالنقابة الوطنية لعمال التربية، قويدر يحياوي، لـ"الشروق"، أن القرارات "الارتجالية" للوصاية ليست في صالح التلاميذ ولا الأساتذة لأنها غير مبنية على دراسات، والدليل أنها اليوم تصدر قرارا وفي اليوم الموالي تتراجع عنه تحت الضغط، خاصة عقب مفاجأتها الأسرة التربوية بقرار جديد، أين أضافت 4 أيام كاملة إلى الرزنامة القديمة. ووصف المتحدث القرار بـ"السياسي" البحت بالدرجة الأولى، الذي لا علاقة له بالبيداغوجيا.
من جهته، قال الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة "الكناباست"، مسعود بوديبة، إن الملاحظ أن الأسرة التربوية كانت تسجل كوارث "تربوية بيداغوجية" سنويا، لكن الملفت للانتباه أنها أصبحت تعيشها يوميا، معتبرا أن هذه الوضعيات التي اتخذت فيها قرارات استعجالية أفقية، انتهت بخروج التلاميذ إلى الشارع، لتتراجع عنها، تعد بمثابة الأمر الخطير، على المجتمع، وهو دعوة صريحة إلى الفوضى لاسترداد الحقوق، مشددا على أن الكناباست حذرت من المساس بالجوانب المستقرة في قطاع التربية على غرار امتحان البكالوريا، رزنامة العطل المدرسية.
أما رئيس الشبكة الإعلامية بنقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، مسعود عمراوي، قد أكد أن هذه المواصفات "الدولية" التي تتغنى بها الوزيرة بن غبريط في مختلف المناسبات، من خلال إصرارها وتؤكد مرة أخرى أن الأمور التربوية لا بد أن توكل إلى ذوي الاختصاص.
تلاميذ يدعون أساتذتهم إلى التعلّم منهم وينتشون بحيازة حقّ الفيتو
فايسبوكيون: جيل الـ "واي واي" و"الكيراتين" هزم بن غبريط!
انفجر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، الثلاثاء، بتفاعلات الدهشة والاستغراب والسخرية على وقع القرار المفاجئ لوزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، بخصوص تمديد العطلة الشتوية مباشرة بعد الحركة الاحتجاجية التي شنّها التلاميذ، حيث عبّر فايسبوكيون عن ذلك بأنّ "جيل الواي واي والكيراتين والشيشة" هزم بن غبريط وفعل ما لم يفعله الأساتذة.
واهتزّت مختلف الصفحات الفردية والمجموعاتية على موقع فايسبوك، بردود أفعال متفاوتة مباشرة بعد تداول خبر تمديد عطلة الشتاء من قبل وزارة التربية، حيث صنع الخبر الحدث وانتشر بسرعة النار في الهشيم، ودوّت عدّة منشورات وتعليقات سخريةً من قرار الوزيرة التي أبدت قبضة حديدية تجاه الحركات الاحتجاجية التي شنّها الأساتذة ومختلف النقابات في عدّة مواعيد، لكنّها استسلمت وأخرجت الراية البيضاء بمجرّد خروج التلاميذ إلى الشارع الإثنين بعدد من ولايات الوطن معبّرين عن اعتراضهم قرار تقليص العطلة.
وجاء المكسب ثمينا وغير متوقّع، حيث أغدقت بن غبريط على التلاميذ بثلاثة أسابيع بدلا من أسبوعين أي من 20 ديسمبر إلى غاية 8 جانفي، وقد تمّ اعتبار ذلك إنجازا عظيما من قبل تلاميذ من خلال تفاعلاتهم على موقع فايسبوك، داعين أساتذتهم إلى "تبادل الأدوار والتعلّم منهم"، بعدما أصبحوا يحوزون حقّ الفيتو، حيث اعتبروا أنفسهم قوّة لا يمكن هزيمتها، وبدت الفرحة بليّ ذراع الوزيرة أكبر من الفرحة بالعطلة نفسها.
كما تفاوتت ردود أفعال الأولياء بين من انضمّوا إلى فريق المبتهجين بالعطلة المطوّلة التي جاءت نتاج الاحتجاج، وآخرين اعتبروا أنّ القرار يشجّع التلاميذ لاحقا على الخروج إلى الشارع بشأن أيّ مطلب حتّى ولو كان بسيطا، متوقعين أن تتجدّد الاحتجاجات والمزيد من الضغط بخصوص القرارات المتعلقة بامتحانات البكالوريا وعتبة الدروس، إذ أشارت بعض التعليقات إلى أنّ "بن غبريط سلّمت رقبتها للتلاميذ"، فيما ذهبت التحليلات من قبل فايسبوكيين إلى اعتبار أنّ الأمر سياسي بالدرجة الأولى ويهدف إلى تهدئة الأوضاع وامتصاص الغليان قبل تعديل حكومي مرتقب، وأنّ بن غبريط لا تملك أوراقا تضغط بها على التلاميذ كالخصم من الراتب، لذلك استجابت لهم دون مقاومة.
كرونولوجيا قرارات بن غبريط والتراجع عنها
29 نوفمبر 2016: خرج التلاميذ المقبلون على اجتياز البكالوريا دورة 2017، في مسيرات بمختلف الولايات للمطالبة بتعديل رزنامة الامتحانات المدرسية الرسمية والعودة إلى بكالوريا في 5 أيام بدل 4 أيام.
2 ديسمبر 2016: بن غبريط ترضخ للتلاميذ في ظرف 3 أيام، وتعلن رسميا عن اعتماد رزنامة الامتحانات الرسمية لا سيما البكالوريا للسنة الماضية من دون تعديل مع تأجيل تطبيق الإصلاحات التربوية إلى تاريخ غير مسمى، بالعودة لبكالوريا 5 أيام وإسقاط بكالوريا 4 أيام.
18 ديسمبر 2016: انتفض تلاميذ الأطوار التعليمية الثلاثة على قرار التقليص في عطلة الشتاء إلى 10 أيام بالولايات، لتتوسع رقعة الاحتجاجات بتاريخ الـ19 ديسمبر إلى ولايات أخرى، أين خرجوا في مسيرات عارمة مطالبين بإسقاط القرار.
20 ديسمبر 2016: تعلن وزارة التربية الوطنية عبر موقعها الإلكتروني عن إدخال تعديلات على قرار عطلة الشتاء، من خلال إلغاء التقليص وتمديدها إلى 19 يوما، بإضافة 4 أيام كاملة للعطلة مقارنة بالعطلة العادية المقدرة بـ 15 يوما.
نوفمبر 2015: تلاميذ يعترضون موكب وزيرة التربية خلال زيارتها لولاية غرداية للمطالبة بإلغاء التدريس بنظام المقاربة بالكفاءات والإبقاء على "المقاربة بالأهداف".
وزيرة التربية ترضخ لمطلب التلاميذ، وتقرر تأجيل التدريس بالمقاربة بالكفاءات، والإبقاء على النظام القديم.
ماي 2015: تلاميذ بولايات ورقلة، بشار وأدرار، يحتجون أمام مقرات مديريات التربية للمطالبة بتعديل رزنامة البكالوريا التي تزامنت وشهر رمضان المعظم، خاصة في ظل إصرار الوزارة على رزنامتها.
بعد أيام قلائل تقرر الوزيرة إدخال تعديلات "جوهرية" على رزنامة الامتحانات الرسمية المدرسية، بتقديمها التواريخ وبرمجتها قبل حلول رمضان.
وزارة التربية توفد لجان تفتيش "بوليسية" إلى المدارس
أوفدت وزيرة التربية لجان تفتيش فجائية إلى المؤسسات التربوية، قبيل عطلة الشتاء، للوقوف على مدى التزام موظفي القطاع بتاريخ عطلة الشتاء.
علمت "الشروق" من مصادر مطلعة، بأن التقارير "المغلوطة" لمديريات التربية التي رفعت إلى وزيرة التربية، التي مفادها أن نسبة احتجاج التلاميذ لم تتعد 10 مؤسسات تربوية، دفع بالوزارة إلى إرسال لجان تفتيش "فجائية" إلى مختلف المؤسسات التربوية، للوقوف على مدى التزام الإدارة برزنامة العطلة الشتوية "المقلصة"، أين تفاجأ المفتشون بمعطيات مغايرة لما ورد في التقارير السابقة، بحيث وقفوا على غيابات بالجملة للتلاميذ، أين قاموا بتحرير محاضر وصفت "بالبوليسية" ضد الأساتذة والإداريين المخالفين لتاريخ العطلة الشتوية وكذا المخالفين أيضا للنظام الداخلي الذي يحكم المؤسسة التربوية.