سُلوكاتٌ غريبة تُكرّس للعُنف وإهمال جمال المحيط وتخالف سلوكات المواطن المسلم، وأضحت تقليدا داخل بعض المُؤسّسات التربويّة في الجزائر، بحُجّة "احتفال التلاميذ" بنهاية السّنة الدراسيّة، فتراهم يُمزّقون كتبهم وكراريسهم ويرمونها عبر الأزقة والشوارع، في مشهد مُسيء لجمال المحيط، ويطلقون أصواتهم بالصريخ المزعج للسكان، ويُعرقلون حركة المرور بهرولتهم في كل الاتجاهات، كأنهم خارجون من ساحة حرب وليس مدرسة.
اختلفت وتطوّرت على مدار أجيال، عادات وتقاليد احتفال التلاميذ بنهاية الموسم الدراسي، فجيل السبعينات والثمانينات، كان يحتفل بنهاية الدراسة بتنظيم حفلات تُقدّم فيها حلويات ومشروبات تُشترى بتشارك التلاميذ في جمع المال، أو يحضر كل تلميذ حلويات وشاي وقهوة للمعلمين وزملائه في القسم، وحتى المعلمون كانوا يحتفلون بتلاميذهم بمنحهم قصصا وكتيّبات، وغالبية أجيال السبعينات والثمانينات كانوا يحتفظون بكراريسهم وكتبهم وحتى أقلامهم ومسوداتهم، إما للذّكرى أو لمنحها للأخوة أو الأقارب المُتمدرسين.
أما الأجيال اللاحقة فابتدعت سلوكات تميل للعنف والهمجية، فطريقتهم للاحتفال تكون بتمزيق الكراريس والأوراق ورميها في السماء داخل ساحة المدرسة وخارجها، ويغادرون تاركين المكان غارقا في فوضى الأوراق المبعثرة، وفي هذا الصدد تغرق بعض أحياء بلدية جسر قسنطينة في فوضى كبيرة بعد إقدام تلاميذ الثانويات والمُتوسّطات، على تمزيق كراريسهم ونشرها عبر الشوارع والطرقات، غير آبهين بجمال المحيط الذي درسوه في مادة التربية المدنية.. ورغم محاولات عمال النظافة بالبلدية جمع ما خلفه التلاميذ، لكنهم حملوا القليل منها فقط، لأن الرياح نشرت الأوراق وبعثرتها في كل مكان .
وتُحمّل جمعيات أولياء التلاميذ مسؤولية هذه السلوكات للأسرة، التي لم تُلقّن أبناءها السّلوكات الصحيحة للمحافظة على نظافة البيئة، ولم تحذرهم من الظاهرة، بل هم من يشجعونهم على ذلك، حسب قول كثيرين، وسلوكات أخرى أكثر عنف وهمجيّة، وتتسبّب في خسائر مادية معتبرة للمدارس، حيث شهدت السنة المنصرمة اندلاع عدة حرائق بثانويات عبر الوطن، بسبب استخدام التلاميذ شماريخ وألعاب نارية للاحتفال، هذه الظاهرة جعلت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، تتخذ السنة المنصرمة، إجراءات ردعية لمعاقبة المتسبّبين في اندلاع الحرائق الأخيرة بالمدارس، مُحملة التلاميذ والطاقم الإداري والأولياء المسؤولية في ذلك، حيث شددت على استدعاء أولياء المخربين لدفع قيمة الأضرار المادية.