الطريقة الجديدة التي لجأ إليها تكتل النقابات للاحتجاج على قانون العمل وقانون التقاعد الجديد وكذا الانهيار الكبير للقدرة الشرائية، والمتمثلة في الاعتصام في عدد من الولايات وإعلان عريضة تحمل مليون توقيع، وأخيرا تنظيم اعتصام وطني... هذه الطريقة الحضارية تفرض على السلطات تغيير أسلوب تعاملها كذلك مع هذه الحركة الاحتجاجية من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى حلول ملائمة بدل طريقة الخصم من الأجور والتهديد والوعيد.
لقد كانت الملاحظة الكبيرة التي سجلت ضد تكتل النقابات في الثلاثي الأول من هذا الموسم هو أنها دخلت مباشرة في إضرابات متجددة في عددٍ من القطاعات الحيوية، وتمادت هذه النقابات، خاصة نقابات التربية، في استخدام حق الإضراب واتخذت من أبنائنا رهائن لديها لتحقيق مطالب نقابية، بشكل أثر سلبا في المسار الدراسي.
ومن الواضح أن أي غلق لباب الحوار مع النقابات أو استخدام القوة لمواجهة اعتصاماتها في الولايات وفي العاصمة، سيعيدنا إلى النقطة الأولى وهي العودة إلى الإضراب كأسهل وسيلة تعتمدها النقابات لمواجهة تعنت الوصاية، ويعود بذلك الجدل حول استخدام التلاميذ رهائنَ لتحقيق مكاسب نقابية.
ويبدو أن تكتّل النّقابات راجع نفسه وغيّر طريقة الاحتجاج، والكرة الآن في مرمى الوصاية لتراجع كذلك طريقتها في التعامل مع الحركات الاحتجاجية، وخاصة في قطاع التربية الذي شهد فضائحَ بالجملة في الثلاثي الأول، خاصة ما تعلق بطريقة تعامل الوزارة مع النقابات بعد أن حاولت الوزيرة بن غبريط تدجينهم من خلال إقناعهم بالتوقيع على ميثاق أخلاقيات العمل في قطاع التربية، وفي المقابل همشتهم واتخذت الكثير من القرارات الارتجالية من دون أن تستشيرهم، لتنتهي العلاقة بين الطرفين إلى القطيعة بشكل أعمق مما كانت عليه قبل توقيع الميثاق. وبتحرُّك التلاميذ وخروجهم إلى الشارع تغيّر أسلوب الوصاية رأسا على عقب، خاصة في موضوع عطلة الشتاء، حيث استجابت الوزارة لمطلب التلاميذ بتمديد العطلة إلى خمسة عشر يوما، وزادت على ذلك ثلاثة أيام كاملة، وقبل ذلك تراجعت عن قرارها بتقليص أيام امتحانات البكالوريا مباشرة بعد بداية التملمُل في أوساط التلاميذ.. فهل ستتعامل وزارة التربية مع احتجاجات الأساتذة والموظفين بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع احتجاجات التلاميذ؟
المصدر جريدة الشروق