تطرح ظاهرة هروب تلاميذ قصّر، بعضهم يدرس في الابتدائي وآخرون في المتوسط والثانوي، من منازلهم تخوفا من عقاب الوالديْن، أكثر من علامة استفهام.. فهل وصل عقاب الأهل إلى درجة زرع الرعب في نفوس الأطفال؟ وأيّ عقاب هذا الذي يجعل طفلا قاصرا يدفع بنفسه إلى الخطر لينجو من أهله؟ إلا إذا كان العقاب قاسيا جدا قد يصل حد الضرب المبرح وحتى الموت...؟؟
وفي هذا الصّدد، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، أحمد خالد، في اتصال مع "الشروق"، أن ظاهرة هروب التلاميذ المتمدرسين من المنازل، هي في ارتفاع من سنة إلى أخرى. وأرجع المُتحدّث أسباب الظاهرة إلى عاملين اثنيْن. فحسب قوله، "70 بالمائة من الأولياء يضغطون على أبنائهم إلى درجة رهيبة، فيهدّدونهم ويتوعدونهم بالعقاب، في حال لم يتحصّلوا على نتائج مدرسية جيدة، والأكثر من ذلك أنهم يسمعونهم كلاما قاسيا جدا على غرار... خْسَرْنا عْليكم دراهم كْبار، ويقولون للصبي.. الطفلة صارت أحسن منكم، أو ابن الجار أفضل منكم...وهذا يخلق عقدا نفسية للتلميذ، وبمجرد حصوله على كشف نقاطه، يقرر الهرب من المنزل لتفادي الكلام الجارح والضرب المُبرح". أما العامل الثاني، حسب أحمد خالد، فهو عدم قيام المُختصين النفسانيين على مستوى المدارس بمهامهم، خاصة في الطورين المتوسط والثانوي، فلا يتقربون من التلميذ للاستفسار عن ظروفه النفسية والاجتماعية، ومخططاته. وحتى الأساتذة والمديرون والمشرفون التربويون لا يقومون بمهامهم في التقرب من التلاميذ.
واستنكر محدثنا بشدة ظاهرة ضرب الأولياء أطفالهم أصحاب النتائج المدرسية السيئة، فالتلاميذ- حسب تعبيره- تختلف قدراتهم الفكرية ودرجة فهمهم واستيعابهم للدروس، وهو ما يُحتم على الوالدين مسايرة الطفل ومحاولة معرفة أسباب تأخره في الدراسة، بطريقة لينة وسلسة، مثلا عن طريق تغيير القسم أو المدرسة وحتى الأصدقاء...وفي حال فشلت جميع الطرق، فالأحسن توجيهه نحو التكوين المهني أو نحو مجال آخر ذي فائدة.
وكشف خالد أنه بمجرد انتهاء الفصل المدرسي الأول هرب 5 أطفال من ولايات مختلفة من منازلهم، خوفا من عقاب الأهل على نتائجهم الدراسية. وحسبه، "هذا العدد المعلن، لكن الكثير من حالات الهروب لا يُبلغ عنها الأهل، ويتولون مسؤولية إيجاد الهارب بطرقهم الخاصة، خوفا من تعرضهم للمساءلة القانونية في حال اعتدوا على أبنائهم بالضرب".